قيام اتحاد دولة الامارات العربية المتحدة
في 18 فبراير سنة 1968 م كانت المبادرة الاولى عندما عقد زايد (رحمه الله) في منطقة (السميح) الواقعة بين أبو ظبي ودبي اجتماعا مع أخيه المرحوم سمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي حيث تم إعلان اتحاد يضم إمارتي أبو ظبي ودبي كبداية لاتحاد أكبر وأشمل وكانت هذه خطوت البداية
قرر زايد وراشد (رحمهم الله) دعوة إخوانهم أصحاب السمو حكام الإمارات الأخرى وصاحبي السمو حاكمي قطر والبحرين للتفاهم والتشاور حول الأمور التي تهم بلادهم .
وقد أتيحت الفرصة لتحقيق ذلك حين أعلنت حكومة العمال البريطانية في عام 1968 عزمها على تصفية وجودها في منطقة شرقي قناة السويس في موعد أقصاه نهاية عام 1971 م وكان شيوخ الإمارات قد تعهدوا بموجب اتفاقية وقعت في عام 1891 م بعدم التنازل عن أراضيهم أو تأجيرها أو إجراء أي مباحثات سياسة مع أية دولة أجنبية دون موافقة بريطانيا
وتجاوبت أصداء الاتحاد في جميع الإمارات . وخفقت له مشاعر شعب الخليج بأكمله . وشهدت المنطقة نشاطا سياسيا واسع النطاق وانتهى هذا النشاط بتكوين واعلان دولة الإمارات العربية على
المراحل التاليه:
في 27 فبراير - شباط سنة 1968 م واستجابة لنداء حاكمي أبو ظبي ودبي اجتمع حكام إمارة ساحل عمان العربية السبع (أبو ظبي , ودبي , وأم القيوين , ورأس الخيمة , والفجيرة , والشارقة , وعجمان) انضم إليهما حاكما قطر والبحرين حيث جرى تدارس فكرة قيام اتحاد لجمع الشمل وتشكلت عدة لجان لاتخاذ القرارات كما شكل الحكام مجلس أعلى , ومجلس تنفيذيا وأمانة عامة
في الدورة التي عقدت فيما بين 21 - 25 أكتوبر تشرين أول سنة 1969 م , تم بالإجماع انتخاب صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان حاكم أبو ظبي رئيسا لذلك الاتحاد لمدة عامين كما انتخب صاحب السمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي نائبا للرئيس لنفس المدة
ظهرت فيما بعد وجهات نظر مختلفة بشأن تكوين الاتحاد التساعي وانتهى الأمر بميل كل من الشقيقتين قطر والبحرين إلى إعلان الاستقلال المنفرد لكل منهما .. وكان زايد الخير (رحمه الله) حريصا على عمل المستحيل من أجل التقريب بين وجهات النظر سواء خلال اجتماعات الحكام , أو من خلال أجهزة الإعلام أو من خلال أسفاره ورحلاته
لم يستسلم زايد الخير (رحمه الله) إلى اليأس بل على العكس لقد ازداد إيمانا بالهدف وإصرارا على تحقيقه فقد علمه التاريخ أن هناك ضريبة فادحة يتعين على كل صاحب رسالة أن يدفعها راضيا ضريبة الجهد والجهاد والصبر والمعانة والمثابرة
أن الذين عاشوا بقرب زايد خلال هذه الفترة من مراحل النضال من أجل الاتحاد يعرفون كيف استمد الرجل من الصعاب طاقة أكبر وحوافز متجددة لمواصلة العمل من أجل المبدأ الذي آمن به.
في 18 يوليو سنة 1971 م اجتمع حكام الامارت العربية السبع لإجراء مباحثات تستهدف إيجاد شكل متين للتعاون فيما بينهم تحقيقا لمعنى التكامل فيما بينهم وبحثا عن الأمن والاستقرار في هذا الجزء من العالم
وأهاب زايد (رحمه الله) بإخوانه الحكام أن يبدءوا مباحثات من أجل تحقيق الأمل الذي يضع شعب الخليج في أعناقهم.
وبدأت المباحثات واستجاب الله لدعاء أبناء الخليج , وبارك الله الجهود المخلصة والمؤمنة التي اضطلع بها زايد (رحمه الله) وأخونه ظهر ذلك اليوم توصل حكام الإمارات إلى القرار التاريخي وتم التوقيع على وثيقة قيام دولة اتحادية باسم (دولة الإمارات العربية المتحدة) لتكون نواة لاتحاد شامل يضم باقي أفراد الأسرة من الإمارات الشقيقة التي لم تمكنها ظروفها من الانضمام إلى الاتحاد في ذلك الوقت.
وصدر دستور مؤقت لتنظيم شؤون هذه الدولة , ولكن رأس الخيمة لم تعلن انضمامها في ذلك اليوم إلى الاتحاد ولذلك بدأ مشروع الاتحاد بست إمارات هي أبو ظبي ودبي والفجيرة والشارقة وعجمان وأم القيوين.
وكان الرجل الذي نذر حياته من أجل هذه اللحظة التاريخية هو أول الموقعين على وثيقة قيام دولة الامارات العربية المتحدة وكانت مشاعره تفيض تأثرا في تلك اللحظة . . وخرج من قاعة الاجتماع معالي أحمد خليفة السويدي وزير شؤون الرئاسة في أبو ظبي والعين ليعلن إلى العالم - في بيان تاريخي - مولد دولة الامارات العربية المتحدة واهتزت أسلاك البرق في كل أنحاء الدنيا معلنة الحدث الكبير وكان النص كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
وبعونه تعالى واستجابة لرغبة شعبنا العربي فقد قررنا نحن حكام إمارات أبو ظبي ودبي والشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة إقامة دولة اتحادية باسم (الإمارات العربية المتحدة) وإذ نزف هذه البشرى السارة إلى الشعب العربي الكريم نرجو الله تعالى أن يكون هذا الاتحاد نواة لاتحاد شامل يضم باقي أفراد الأسرة من الإمارة الشقيقة التي لم تمكنها ظروفها الحاضرة من التوقيع على هذا الدستور.
خرجت أبو ظبي كلها تستقبل زايد )رحمه الله) عند عودته قادما من دبي بعد التوقيع على الدستور المؤقت لدولة الامارات العربية المتحدة الجديدة.
يومها قال زايد ( رحمه الله) للشــعب:
أن التوقيع على الدستور المؤقت هو أهم خطوة خطتها الإمارات العربية المتحدة في سبيل تحقيق الاتحاد إن هذا الاتحاد قد أرسي على أسس قوية راسخة تعتبر من أقوى الأسس التي يجب أن يقوم عليها الاتحاد.
وفي 2 ديسمبر سنة 1971 م عقد حكام الإمارات الست اجتماعا وأعلنوا سريان مفعول الدستور المؤقت وقيام دولة الإمارات العربية المتحدة.
وهكذا كان يوم 2 ديسمبر 1971 م يوم زايد الخير (رحمه الله) بحق كان تتويجا لجهود صادقة مخلصه بذلها الرجل على امتداد أربع سنوات كاملة.
صدرت عن العواصم العربية كافة الكثير من البيانات التي تعكس ترحيب وفرحة الحكومات والشعوب العربية بالاتحاد.
وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على طلب انضمام الامارت إلى المجلس وأصبحت الدولة العضو الثاني والثلاثين بعد المائة.
في 10 فبراير 1972م أعلنت إمارة رأس الخيمة رغبتها بالانضمام إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وموافقتها على الدستور.
وفي نفس اليوم وافق المجلس الأعلى للاتحاد بالإجماع على قبول إمارة رأس الخيمة في عضوية الاتحاد.